ذكرت "الخليج" ان "لبنان الصغير في الجغرافيا يهتز من تفجير دموي جديد، ولم تكد تمر بضعة أيام فقط على اغتيال الوزير السابق محمد شطح . التفجيرات تتكرّر، مرة في بيروت وأخرى في طرابس وثالثة في بعلبك، والقادم قد يكون أخطر ما دامت الظروف هي ذاتها والبيئة الحاضنة قائمة . وهي في كل مرة تحمل المواصفات نفسها، ما يشير إلى أن يد الإجرام واحدة، وهدفها واضح وهو يوظّف الدماء كصاعق لتفجير فتنة ما قبل تجديد الحرب الأهلية . أياً تكن الأدوات المنفّذة، ومهما كانت جنسياتها، فإن في أعلى هرم التخطيط والتوجيه عقلاً صهيونياً، ومن يريد أن يفهم أكثر بإمكانه العودة إلى توصيات المؤتمرات الأمنية "الإسرائيلية"، وأهمّها مؤتمر "هيرتسليا" الأخير".
اضافت الصحيفة الاماراتية "أما ما هو بعد ذلك فهو مجرد تفاصيل لا يدرك الأغبياء الغارقون فيها، أن العبوة حين تنفجر لا تطلب من المارّة بطاقات هوياتهم لتميّز هذا عن ذاك، أو تستثني أحداً وفق أي اعتبار، بل تفتك بالجميع بلا تمييز، تماماً كما يفعل الطيران الصهيوني في كل عدوان على العرب، هذا وضع تتجاوز خطورته بلداً بحجم لبنان وظروفه وتركيبته الديمغرافية. ورغم مأساوية أي جريمة، فالطريقة الحصرية لمواجهة تداعياتها المخطط لها، أن تسود الحكمة ويتكفل العقل وحده بالمعالجة. وهنا ليس من الحكمة أن يبادر طرف لتوجيه الاتهامات جزافاً إلى خصومه السياسيين، بل ترك الأمر لأجهزة الدولة كي تتولى المهمّة".
واشارت الى ان "الرسائل والأهداف "الإسرائيلية" ثابتة منذ إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وهي وإن تنوّعت يبقى تنوّعها تحت مظلّة الأهداف نفسها. فبعضها يقوم على تكريس معادلة الأمن، وهي رسالة موجّهة إلى الداخل الصهيوني تقول إن لـ"إسرائيل" ذراعاً طويلة تصل إلى أي مكان، وهذا تعبير تستخدمه القيادات الأمنية والعسكرية في الكيان كثيراً، وإن كان تراجع ترديده في السنوات الأخيرة، بسبب عدم وجود رصيد واقعي كاف له . لكن الأهم أن إشعال نار الفتنة في أي بلد عربي، يمثّل ربحاً صافياً لـ"إسرائيل"، وهي تحقق الأهداف نفسها التي يحققها العدوان العسكري، لكن من دون أن تخسر قطرة دم من جندي أو مستوطن، ومن دون أن تدفع تكاليف مادية باهظة، وكل ما تحتاجه بعض الأدوات الرخيصة فقط وتزويدها بما يلزم من مواد التفجير وسلاح الاغتيال. لذلك فإنها تعمد إلى تكثيف عمليات التنصّت وتكثّف تجنيد العملاء".
هذا يفرض على اللبنانيين جميعاً، بحسب الصحيفة الاماراتية، أن "يدركوا حقيقة الأخطار المحدقة ببلدهم، وأن يصغوا لصوت العقل والحكمة ويتعظوا من تاريخ الصراع المرير مع هذا الكيان، وهو تاريخ يشرح نفسه بنفسه وليس بحاجة إلى من يشرحه لهم. العقلاء في لبنان موجودون لدى كل الأطراف، وعليهم أن لا يتركوا الساحة للموتورين والفتنويين وأمراء الحرب، وأن يلتقوا بلا مقدمات وإضاعة وقت من أجل إنهاء مهزلة إدارة الظهر الجارية، وأن يوقفوا الحملات الإعلامية المتبادلة بلا طائل . عليهم أن يتوجّهوا على الفور لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأن يرفع كل طرف الغطاء عن أي صوت توتيري أو فتنوي يصدر من عنده. إنهم مطالبون، قبل أي وقت مضى، أن يتصرّفوا على أساس أن العدو الوحيد المتربص بلبنان وكل الأمة، هناك على مرمى حجر من شلال الدم".